نحو جلد محبوب: متى تتوقف الرأسمالية عن استغلالنا؟

تُمسِك ماما رأسي بحزم، تصفِّف شعري على هيئة ذيل حصان، تلفّني إليها لتنهدم شعرَ غُرَّتي المُتناثر، تمرُّ بيدها على جبهتي، ثمّ توصيني بألّا أمشي في ساحة المدرسة المكشوفة كي لا أفقد لوني الحنطي و"أسمرّ" بفعل التعرّض لأشعّة الشمس. بقيَت وصية ماما هي نفسها حتى عندما بدأتُ بارتياد الجامعة: "لا تقفي في الشمس تنتظري الميكروباص"، "لا تتمشّي حتّى موقف الجامعة". تضحِّي أمي بأموال سيّارة الأجرة المُكلِفة، ليس لتأمين راحتي أو الحفاظ على صورتنا الاجتماعية كطبقةٍ متوسّطةٍ فحسب، وإنّما لكي تبقى درجة لون بشرتي فاتحةً مثلما تفضّلها. 

ليسَت ماما وحدها مَن فكَّرت بهذه الطريقة. ففي السياق التاريخي والرأسمالي لدلالات جمال النساء، ثمّة تمييزٌ بين درجات ألوان البشرة غير البيضاء. يحبُّ المجتمع البشرة السمراء وسحرها حتى نقطةٍ معيّنة، تصبح عندها الهرميّة اللونيّة عاملًا مؤثِّرًا في حيوات النساء العاطفية والمهنية والاقتصادية أيضًا.

تمييز عابرٌ للزّمن

تنحدر أمي من عائلةٍ تُعرف نساؤها ببشرتهنّ السمراء. وعلى الرغم من ذلك، بحسب رأيها، يجب ألا يزيد اسمرارُ بناتها عن حدٍّ مُعيّن. في المقابل، أفرادُ عائلة أبي بشرتهم بيضاء. ونتج عن هذا الاندماج اختلاف ألوان بشرتنا، أنا وإخوتي، وانقسامها بين العائلتَين، وكنتُ أنا صاحبة المزيج الحنطي. تتشابه ملامحي مع ملامح أمّي أيضًا. كانت تحبّ أن يراني الناس جميلةً ليتذكّروا جمالها قبل أن تمرض، لكن وسط مديح الناس لها حين يقارنوننا بعضنا ببعض، كانت تُسارع للقول إنّ لوني "أفتَح منها"، كأنها ترفع عنّي وصمةً ما.

يعود التحيّز إلى أصحاب البشرة السمراء الفاتحة إلى قرونٍ مضَت. إذ اقترن لونُ البشرة الأسود1 في التاريخ الكولونيالي بالبدائية والهمجية، وصُنِّف أصحابه وصاحباتها بالبربرية للدلالة على الجهل والفقر. فكلّما كان لون البشرة داكنًا وُضع أصحابها في مكانةٍ أدنى على السلّم الاجتماعي، بحيث ارتكزَت على تلك المفاهيم أيديولوجيةُ الاستعباد. حتى أنّ المُستعبَدين/ات من أصحاب البشرة الداكنة عانوا ظروفًا أسوأ من أقرانهم/ن ذوي وذوات البشرة السمراء الفاتحة. اندثرَت العبودية ربّما، وأفل عصر الاستعمار، بيد أنّ مشاعر الوصم المرتبطة بلَون البشرة لا تزال قائمة.

يعود التحيّز إلى أصحاب البشرة السمراء الفاتحة إلى قرونٍ مضَت. إذ اقترن لونُ البشرة الأسود في التاريخ الكولونيالي بالبدائية والهمجية

في مصر على وجه الخصوص، لم تكن بشرة الرجل الأبيض المُستعمِر الأوروبي مقياس الرفعة والإنسانية،2 فقد حُكِم المصريّون لفتراتٍ طويلةٍ من المماليك والعثمانيّين، وكانت بشرة الرجل الشركسي البيضاء المُشرَّبة بالحُمرة هي التي يتطلّع الناس إليها. فالحُمرة مع البياض لا تأتي إلّا لمَن يمتلكون قوت يومهم، ويشبعون منه، ولا يعملون تحت أشعّة الشمس في الحقل. من هنا، برز مصطلح "تحسين النسل" كرغبةٍ في الترقّي الاجتماعي. بمعنًى آخر، اشتدّ التحيّز العنصري والتمييز بحسب لون البشرة، وبرز وفقًا للبنى الاجتماعية في تلك المجتمعات. يتزوَّج الرجل الأسمر بزوجةٍ بيضاء البشرة، لتشبه ذرّيته الرجل الأبيض الشركسي المحمرّ، فيقترب من مكانته العالية في المجتمع كباشا. لكن من أجل الحصول على زوجةٍ بتلك المواصفات يجب أن يمتلك الرجلُ مقدارًا من المال. هذا الزواج المنفعي والمقايضة السهلة بين امرأةٍ بيضاء جميلةٍ في نظر المجتمع ورجلٍ ذي نفوذٍ ومال، تجعلنا نفهم علاقة لون البشرة وتفتيحها بالترقّي الطبقي. 

لكنني أعتقد أن بُغض اللون "القمحي" الداكن في مصر ليس مرتبطًا بحكم المماليك والدولة العثمانية وإنّما بالأبوية. ينوِّه المؤرّخ تقي الدين المقريزي3 أنّه بحسب التاريخ الإسلامي، تعود سُمرة بشرة المصريّين واختلاف ألوانهم إلى إعتاق النساء المصريّات عبيدَهنّ وزواجهنّ منهم بعد انقراض جميع الرجال من "أشراف القوم" في حكاية غرق فرعون موسى. وقد يكون السبب آخر، إذ يُنسب فعلُ النساء حينها، أي إعتاق العبيد والزواج منهم، إلى تدبير الملكة دلوكة4 التي استغلّت الانفلات الأمني والسياسي لتحكم مصر. يُظهِر هذا السرد التاريخي وتفسيره وفق مفاهيم المنظومة الأبوية أنّ تغيّر لون بشرة جيلٍ جديدٍ واندماجه مع فئةٍ أخرى هو أحد تبعاتِ فعلةٍ ارتكبَتها امرأةٌ خلال حكمها البلاد.

لم تكن العلاقات مع ألوان أجسادنا نتيجة إرث الاستعمار فحسب. بالنسبة للمؤرِّخين وخبراء الإثنية، كان الأفارقة قبل الاستعمار يفضِّلون الدرجات الفاتحة والبيضاء المحمرّة كعلامةٍ للجمال

ومثل مصر، كذلك في بقية أرجاء العالم. لم تكن العلاقات مع ألوان أجسادنا نتيجة إرث الاستعمار فحسب.5 بالنسبة للمؤرِّخين وخبراء الإثنية،6 كان الأفارقة قبل الاستعمار يفضِّلون الدرجات الفاتحة والبيضاء المحمرّة كعلامةٍ للجمال، أو ربّما لأن أصحاب تلك البشرة شغلوا مكانةً أعلى على السلّم الاجتماعي والطبقي. أيضًا، شكّل البياض إحدى صفات النساء البارزة والمرغوبة للزواج عند العرب،7 بحيث تمثّل البشرة الفاتحة رأس مالٍ اجتماعي وجمالي رمزيّ ذا قيمةٍ تبادلية،8 من المهمّ للنساء الاستثمار فيها9 من أجل استدراج عروض زواجٍ أفضل، وتَسلّق طبقتهنّ العاملة إلى طبقةٍ أعلى متوسّطةٍ أو ثرية. بالتبعية، استغلّ الاستعمار الأوروبي والأبيض الفرصة، وها هي رأسماليّته تجني الثمار حتّى الآن. إذًا، عزّز الاستعمار تلك المفاهيم ورسّخها، لكّنه لم يكن مُنطلَقها بطبيعة الحال.

الأسواق العالمية تستغلّ جلودنا

كثَّف التوسّع الاستعماري الأوروبي، الذي رافقه غزوٌ تجاري وفتح أسواقٍ جديدةٍ واستحواذٌ على موارد البلدان المستعمَرة ونقلها إلى أوروبا، وبعده الاستعمار الأميركي الحديث في العراق وأفغانستان، النظرةَ الدونية للبشرة الداكنة. بحسب السياق الرأسمالي،10 يكمن أساسُ التحيّز في النمط الأوروبي الأبيض للجمال وفي الرأسمالية الأميركية الاستهلاكية. وفي هذا السياق، يطرح بعض علماء الاقتصاد والاجتماع11 مفهوم "الإمبريالية الثقافية"، ومفاده أنّ الحكومات الأميركية والأوروبية تزيد من دعم الشركات الكبرى لنشر الثقافة الاستهلاكية عبر القوّة الناعمة إعلاميًا وفنيًا للتسويق لأيّ منتجاتٍ تجميلية، تبعًا للمفاهيم الثقافية والعلاقات الطبقية المرتبطة بالعِرق والبشرة التي تحكم المجتمعات. فنجدها تروّج حينًا لمنتجاتِ تفتيح البشرة، وأحيانًا أخرى لمنتجاتٍ تسمّرها. في كلّ الأحوال، تهدف الرأسمالية إلى نشر السّلع وبيعها لتحصيل الأرباح بشتّى الطرق، إذ تترابط سوقُ تفتيح البشرة مع الشركات مُتعدّدة الجنسيات ورأس المال العالمي12 بالتسلسُلات الهرمية والعِرقية المحلّية. هكذا تشكِّل العولمةُ الهياكلَ الاقتصادية والسياسية للبلدان، وتُغيّر مفاهيم الهوية والثقافة فيها تدريجًا. يمكننا أن نرى هنا بوضوحٍ أيضًا أهمّية النوع الاجتماعي (الجندر) ومعايير الجمال المُجندَرة في زيادة أرباح شركات منتجات التجميل، ربطًا بتأثيرها على النمط الاستهلاكي المُقترِن بـالعنصرية والطبقية. 

لذلك ازدهرَت صناعة كريمات التفتيح13 في جنوب إفريقيا بعد الحرب العالمية الثانية في ظلّ نظام الفصل العنصري. ومع ذلك، يُعدُّ تفتيح البشرة ممارسةً عابرةً للأعراق، وسوقًا استهلاكيةً ضخمةً في المجتمعات والسياقات التي تُبنى فيها العلاقات الطبقية وفق هرميّة العِرق ولون البشرة. ففي عام 2014، اشترى 15% من سكّان العالم منتجاتٍ لتفتيح لون البشرة.14 

في مطلع الألفية، سافرتُ إلى مصر في إجازة الصيف مع مؤونةٍ من كريمات التفتيح حتى لا أسمرّ أو  أضطر لشراء منتجات التفتيح المحلّية رديئة الجودة مثل التي تشتريها قريباتي. فعلى الرغم من تعسّر أحوالنا المادية، كانت أمّي تشتري لي كريماتٍ غالية الثمن. لا أذكر ما إذا كان مكتوبًا على علبة الكريم "حليب للتفتيح". لكني في كلّ الأحوال، كنتُ أوزِّعه على وجهي ورقبتي وأنا أتخيّل كليوباترا مثلما تظهر في القصص والأفلام القديمة وهي تستحمّ بحليب أنثى الأتان. وينقل المؤرّخون عن كليوباترا هذه الطريقة لضمان إشراقة البشرة ونضارتها. فهل كانت المصريّات الفقيرات يغمّسن أجسادهنّ في حليب الحمار لتفتيح جلودهنّ مثل كليوباترا أم يشربنَه؟  

كثَّف التوسّع الاستعماري الأوروبي، الذي رافقه غزوٌ تجاري وفتح أسواقٍ جديدةٍ واستحواذٌ على موارد البلدان المستعمَرة ونقلها إلى أوروبا، وبعده الاستعمار الأميركي الحديث في العراق وأفغانستان، النظرةَ الدونية للبشرة الداكنة

وكما في وقتنا الحالي، بحثَت النساء حينذاك عن طرقٍ اقتصاديةٍ لتحقيق غايتهنّ في جسدٍ فاتح البشرة. ويُعرف عن قدماء المصريّين واليونانيّين والرومان، خلط العسل بزيت الزيتون ودهن البشرة به لتفتيحها،15 وكذلك استخدام الطباشير والرصاص الأبيض لاحقًا كموادّ تجميلية. في كلّ الأحوال، كانت ممارسة التفتيح موجودةً على الرغم من المشكلات الاقتصادية. ففي حين كنتُ أستخدم كريمًا باهظ الثمن بمساعدة أمي، كانت زميلاتي في الجامعة يقتطعن من مصروفهنّ الضئيل، فيأكلن كمّية طعامٍ أقلّ، ويسِرن مسافاتٍ أطول، ويقتصِدن في نفقاتهنّ، من أجل شراء كريم تفتيحٍ زهيد الثمن برغم علمهنّ برداءة جودته. لكنهنّ كنّ يتمِمن معروفًا تجاه أنفسهنّ، مثلما يحاول معظمنا أن يفعل تماشيًا مع المنظومة التي تريد لأجسادنا أن تبدو بمظهرٍ معيّنٍ على اختلاف طبقاتها الاقتصادية والاجتماعية.

قد يبدو للبعض أنّ التفكير في تفتيح لون البشرة رفاهيةٌ في البيئات المُعنِّفة للنساء. لكنّ كل المفاهيم القمعية متشابكة. تُخضع المنظومة الأبوية والطبقية أجسادَنا وتُحكِم سيادتها عليها عبر زرع أفكار الدونية وربط لون البشرة بالجمال والمكانة الاجتماعية والمادية. إنه عنفٌ يصنع اغترابًا عن لوننا وجلدنا، وعمّا تراه أعينُنا في المرآة كل صباح.

تحرّرٌ آمنٌ من معايير الجمال

بنظرةٍ سريعةٍ على وسائل التواصل الاجتماعي والتأمُّل في جيل الفتيات الأصغر سنًّا، أرى فتياتٍ مراهقاتٍ على تيك توك وإنستغرام، بعضهنّ خبيرات في مستحضرات التجميل ورعاية البشرة، وإحداهنّ تشبهني في مراهقتي، لها نفس لون بشرتي. أراها تضحك وتتكلّم من دون فلتر يغيِّر درجة لونها. أبتسم. ليسَت مثلي في مثل سنّها. تظهر فخورةً بجلدِها على الشبكة العنكبوتية. مع ذلك، هي ليسَت منيعةً على هذه المشاعر. حين أتصفّح التعليقات، أجدها مليئةً بالعنصرية المُبطّنة؛ "جمالك في سمارِك" مثلًا. ربّما هي أكثر حظًا من غيرها، أولئك اللواتي تُكتب لهنّ تعليقاتٌ أكثر عنصريةً وبغضًا. 

ماذا تفعل الفتيات الآن أمام هجمات روّاد وسائل التواصل الاجتماعي؟ وكيف سيكون حالهنّ إن كانت العائلة تسرِّب لهنّ مشاعر الدونية تجاه ألوان بشرتهنّ؟ أظنّ أن الألاعيب الذهنيّة التي تدور في عقولنا للردّ والدفاع عن أجسادنا وألواننا لا تنتهي. ربّما لذلك، في مراهقتي، حين مرّت دعاية كريم التفتيح على شاشة التلفاز، ووجدتُ قريباتي يستعملنَه، لم أتردَّد، بل ذهبتُ بصمتٍ لأشتريَه وأنضمّ للمنظومة، علّها تقبَلُني كفتاةٍ جميلةٍ ومحبوبةٍ مثلما كنتُ أتمنى.

يبدو أن السبيل للتحرّر من هذا العبء هو الثورة على الطبقية العنصرية والتمييزية، والرفض الجماعي لمعايير الجمال الأبوية والرأسمالية،16 وهو ما قد يرخي من قبضة الرأسمالية المُجحفة في عالم الجمال ولو بشكلٍ مبدئي. وأبلغُ دلالةٍ على ذلك تأثير حركة Black Lives Matter (حياة السّود مهمّة) - التي تطالب بالتغيير البُنيوي لتفكيك العنصرية والخلاص من التمييز العِرقي في الولايات المتحدة - على شركة "Hindustan Unilever" ومقرّها الهند. إذ اتهمَت الحركةُ الشركةَ بـ"مكافحة السّواد" من خلال مستحضرها لتفتيح البشرة "Fair & Lovely"، وأطلقَت عريضةً وقَّعها آلافُ الأشخاص على شبكة الإنترنت طالبَتها بوقف إنتاج منتجها وتسويقه. فالشركةُ كانت حتّى زمنٍ قريبٍ تُسوّق لمقياسٍ يُظهِر درجاتٍ لونيةً للبشرة تُتيح للمستخدِمات قياس تأثير المستحضَر على وجوههنّ ودرجة تفتيحها. ونتيجةً لتلك الحملة، غيّرَت الشركةُ اسمَ المستحضر إلى "Glow & Lovely" ، وأزالَت أيّ معلوماتٍ تُفيد بأنّ من خصائص الكريم تفتيح البشرة. كذلك أعلنَت شركة "Johnson & Johnson" وقف إنتاج اثنَين من مستحضراتها للسبب نفسه أيضًا.

يبدو أن السبيل للتحرّر من هذا العبء هو الثورة على الطبقية العنصرية والتمييزية، والرفض الجماعي لمعايير الجمال الأبوية والرأسمالية

بالطبع، كان لحركة "حياة السّود مهمّة" الأثر الأكبر في تحقيق هذا التغيير. وبالرغم من أنّي أستبعد أن يحدث أيٌّ من هذا في عالمنا العربي أو في جنوب آسيا، أي أن تُجبر هذه الشركات على تغيير أسماء علاماتها التجارية ولو بشكلٍ صُوَري من دون تغيير المفهوم. لكنّ هذا التغيير يُسعدني على أيّ حال، لأني في مراهقتي كنتُ أظن أنّ كلمة "fair" يُقصد بها العدالة، لا لون البشرة الفاتحة. كنتُ أظنّ هدف الكريم جعلَ الأمور عادلةً ووضعها في نصابها الصحيح خدمةً للفتيات والنساء اللواتي لم يولدن ببشرةٍ فاتحة بالدرجة المطلوبة، بحيث تصبح الحياة عادلةً وجميلةً ومحبوبةً بالنسبة لهنّ. 

تغيّر لون بشرتي الحالي وأصبح فاتحًا مقارنةً بما كان عليه في مراهقتي. أتساءل دومًا، هل هذا أثر كريمات التفتيح التي استعملتُها في صغري، أم هو أثر العُمر؟ في الواقع، لم أشترِ كريمات تفتيحٍ منذ سنواتٍ طويلة، وأحرص على الابتعاد عن الفلتر الذي قد يغيّر لون بشرتي في الصُّوَر. أخشى أن أغيّر أيّ تفصيلٍ في ملامحي. أحبّ جِلدي وأستغرب هذا الشعور الذي لم أعتَد عليه. لم أعد أتفرّس في وجهي أمام المرآة، لكنيّ أؤمن الآن أكثر من أيّ وقتٍ مضى أنّ أجسادنا كنساء، بكلّ ما تُظهره للعالم من شكلٍ ولون،17 هي محلّ نزاعاتٍ سياسيةٍ واقتصاديةٍ ودينية. فالمنظومة الأبوية تنتظر منّا أن نستهلِك ليستهلكنا الرجال،18 بينما أنا ونساءٌ كثيراتٌ حولي لا نريد المشاركة في الاستهلاك كي يقبل بنا أحد. إنّنا ببساطةٍ لا نريد المشاركة في اللُعبة.

 

 

  • 1. Evelyn Nakano Glenn, Shades of Difference: Why Skin Color Matters, United States, Stanford University Press, 2009, p. 27, p. 169.
  • 2. محمد نعيم، تاريخ العصامية والجربعة: تأملات نقدية في الاجتماع السياسي الحديث، الطبعة الأولى، القاهرة، المحروسة للنشر والتوزيع، 2021، الفصل الثالث، ص. 96.
  • 3. عمرو عبد العزيز منير، الأساطير المتعلّقة بمصر في كتابات المؤرخين المسلمين، الطبعة الأولى، القاهرة، عين للدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية، 2008، ص. 251.
  • 4. الملكة دلوكة هي بنت زبّان أو زبّا، أو ابنة زبّاء أو قاران، مذكورةٌ فقط في كتب التراث والتاريخ الإسلامي، وما يُعرف بـ "تاريخ مصر الخرافي"، وهو تاريخ مصر المتناقل في العصور الوسطى والأديان الإبراهيمية قبل فكّ رموز حجر رشيد وكشف معاني الخط الهيروغليفي. يقال إنّ دلوكة حكمَت مصر وهي تبلغ من العمر 160 عامًا، بعد حادثة غرق فرعون، وهي حادثةٌ لا تعترف بها كتب التاريخ الأكاديمية الموثوقة. بقيَت دلوكة  في الحكم لمدّة عشرين عامًا، بنَت فيها سورًا حمى مصر من الأعداء طيلة ما يقارب أربعمائة سنة. ذُكرت قصتها في عددٍ من الكتب، منها: الأساطير المتعلّقة بمصر في كتابات المؤرّخين المسلمين ص251، المواعظ والاعتبار في ذكر الخطط والآثار للمقريزي ص. 267، معجم أعلام النساء لمحمد التونجي ص. 84، المسالك والممالك للبكري ص. 632، فتوح مصر وأخبارها لأبي القاسم عبد الحكم ص. 30-31.
  • 5. Ania Loomba, Colonialism/Postcolonialism, New York, Routledge, 2005, p. 92-93.
  • 6. Evelyn Nakano Glenn, Shades of Difference: Why Skin Color Matters, United States, Stanford University Press, 2009, p. 170.
  • 7. عبد السلام الترمانيني، الزواج عند العرب في الجاهلية والإسلام: دراسة مقارنة، الكويت، عالم المعرفة، 1984، ص. 95.
  • 8. Evelyn Nakano Glenn, Shades of Difference: Why Skin Color Matters, United States, Stanford University Press, 2009, p. 29.
  • 9. Meeta Rani Jha, The Global Beauty Industry: Colorism, Racism, and the National Body, New York, Routledge, 2016, p. 4.
  • 10. Meeta Rani Jha, The Global Beauty Industry: Colorism, Racism, and the National Body, New York, Routledge, 2016, p. 3, p. 56.
  • 11. نذكر من بينهمن: هيربرت شيللر (Herbert schiller) وهو عالم اجتماع ماركسي، كتب عن تأثير الإمبريالية والاقتصاد على الهيمنة الثقافية؛ وإندربال غريوال (Inderpal Grewal) وهي أستاذة محاضِرة في دراسات المرأة والنوع الاجتماعي والإثنية والعِرق وما بعد الاستعمار، تركز في كتاباتها على  الانتشار العالمي للنيوليبرالية وثقافة الاستهلاك في سياقات ما بعد الاستعمار وتأثيراتها العِرقية.
  • 12. Shirley Anne Tate, Skin Bleaching in Black Atlantic Zones: Shade Shifters, UK, University of Leeds, 2016, p. 21.
  • 13. Evelyn Nakano Glenn, Shades of Difference: Why Skin Color Matters, United States, Stanford University Press, 2009, p. 2, p. 197.
  • 14. Shirley Anne Tate, Skin Bleaching in Black Atlantic Zones: Shade Shifters, UK, University of Leeds, 2016, p. 31.
  • 15. Ngunan Adamu, “Colonialism and the Origins of Skin Bleaching”, Wellcome Collection, 21 March 2019.
  • 16. Laurie Penny, Meat Market: Female Flesh Under Capitalism, USA/UK, Xero Books, 2011, p. 162.
  • 17. Shirley Anne Tate, Skin Bleaching in Black Atlantic Zones: Shade Shifters, UK, University of Leeds, 2016, p. 2.
  • 18. Evelyn Nakano Glenn, Shades of Difference: Why Skin Color Matters, United States, Stanford University Press, 2009, p. 3.