جوارب حمراء تحت عباءة مطرّزة: حكايةُ مصريّةٍ في السعودية

كيف تتعايش الفتيات مع حياة الاغتراب في مدينة مثل الرياض خلال طفولتهن ومراهقتهن؟ وما هو الضغط المضاعف عليهن مقارنةً بالذكور؟ هل حقًا يستحق الاندماج مع الآخرين والأخريات التنصل المتعمد من أنفسنا وشخصيتنا؟ تحاول آلاء عبد الوهاب الإجابة على هذه الأسئلة من خلال تجربتها الشخصية كمغتربة مصريّة عاشت في مدينة الرياض لفترة.

أذكر أنّي كنتُ في سنّ الخامسة عندما رسمتُ مرةً نفسي وأخوتي ووالديّ، ثم رسمتُ الله واقفًا أمامنا ويرعانا. عرضتُ رسمتي على أمي  بفخر. بالغَت كالعادة في إبداء إعجابها ونظرَت إليّ متسائلة: "هو ده هرم؟ وإيه اللي على ربّنا ده؟"

أجبتُها بيقين: "لمبات" (مصابيح). كنتُ أعتقد أن مصابيح الله دائمًا مضيئة، حتى قبل شروق الشمس، تُنير طريقنا إلى التمهيدي.1 بعد مناقشاتٍ طويلة، فهم أبي وأمي أن صورة الإله في ذهني كانت في ذلك الوقت مبنى وزارة الداخلية لأنه كان أكبر ما رأته عيناي. كان سائق الحافلة المدرسية يدور حول المبنى في طريقنا يوميًا، وكنتُ أتخيّلنا نطوف حوله لأنه هو الله وعلينا الطواف للتعبد والدعاء صباحًا قبل بدء يومنا، مثلما يفعل الناس حول الكعبة في مكة. تلك الذكرى هي أول ما يخطر في بالي حين أفكر بتأثير مولدي وحياتي في مدينة الرياض على رؤيتي للدين وهويتي.

يبدو بديهيًا أن تعتقد أمي أنّي رسمتُ الله بصورة هرم. فالهرم كان أكبر ما رأَته هي، وربما ظنّت وهي في مثل سني أن الهرم هو الله. لكن لو كنتُ أخذتُ رسمتي وأريتُها لمعلمتي، لأوقعَني ذلك في مشاكل عديدة. أذكر أنّي أخبرتُ معلمتي مرةََ عن لوحةٍ كبيرةٍ في منزلنا لفلاحاتٍ يحملن جرار ماءِ حول النيل،  فقابلَت المعلمة أمي وطلبَت إليها أن تزيل الصورة بحجّة أن رسم الإنسان حرام وأن اللوحة تمنع الملائكة من دخول بيتنا.

انضبطي حتى نعود إلى الوطن

كان الفرق بين الأيديولوجيات الدينية سببًا رئيسًا للعدوانية التي عوملنا بها. فبالنسبة إلى غالبية أهل البلد، نحن كمصريّين/ات أهل "الفن والمسخرة والوجه المكشوف"، لا نتبع الطريق القويم للدين الإسلامي، ووجودنا في السعودية قد يغيّر عادات البلد وهويته. وكباقي المجتمعات في منطقتنا العربية الأبوية، النساء هنّ سبب الفتن، لاسيما الأجنبيات منهنّ. أما المصريات، فهنّ الأكثر خطورةً وأذًى. كل فتاة مصرية بالنسبة إليهم/ن كانت "فيفي عبده"؛ مصيبة تمشي على ساقَين فاتنتَين. ومع أنّي الآن أحبّ فيفي عبده ولا أرى في تشبيهي بها ضيرًا أو إهانة، إلا أنّ شعوري كان مختلفًا في سنّ المراهقة. خوف السعوديّين/ات منّا سبّب لنا قلقًا وضغطًا مضاعفَين مقارنةً بالمصريّين الذكور. فهم يعانون العنصرية لكن من دون الوصم الأخلاقي الذي يلحق بنا وقد يتسبّب لنا بأذًى جنسي باعتبارنا نستحقّه. أذكر أن السيارات كانت تلاحقنا أنا وأمي بغية التحرش بنا، ولم تكن تغادر إلا إذا ما أمسكَت أمي بحجرٍ وهدّدت بإلقائه على السيارة. فالمتحرّشون في السعودية لم يكن يردعهم سوى التهديد بإيذاء سياراتهم بضربة حجر.

حتى التزامنا بارتداء بالحجاب الشرعي طبقًا لقوانين المملكة لم يشفع لنا أو ينقذنا من النظرة الدونية نحونا: عباءةٌ فضفاضةٌ سوداء حتى الرأس من دون زخارف ولا تُظهر تفاصيل الجسد، مع غطاءٍ للوجه من دون فتحةٍ للعينين؛ فالكل يعرف ما تفعله أعينُ النساء في نفوس الرجال! غياب أيٍّ من تلك الشروط قد يعرّضنا للإهانة والضرب، وربما القبض علينا من قبل رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذين يجوبون الشوارع لإحكام سلطتهم وتنفيذ القانون.

نحن المغتربات كنّا نعيش في خوفٍ دائمٍ من مخالفة القوانين الخانقة وما يترتّب على ذلك من توقيفٍ واعتقال

كان قلبي يدقّ سريعًا فأمشي بخطواتٍ سريعةٍ كلما رأيتُ أفرادًا من الهيئة، إذ لم أكن ألتزم بالزيّ الشرعي، بل كنتُ أرتدي عباءةً مطرزةً عند الكتف وأغطي وجهي حفاظًا على سلامتي. لكن اشتباكي الأكبر معهم كان في حادثةٍ أسمّيها "موقعة الديرة".

الديرة هي مكانٌ سياحي تاريخي في الرياض، يجاور جامع الرياض الكبير. فيه ساحةٌ كبيرةٌ مليئةٌ بالنوافير، ومساحاتٍ للمشي والتزلج وركوب الدراجات. لم تكن أسرتي ميسورةً ماديًا، لذا كنّا نتنزّه غالبًا في الديرة لأنها بالمجّان.

في يوم "الموقعة"، كنتُ وأمي نتنزّه مع صديقتي ووالدتها. عندما حان موعد صلاة المغرب، ذهب كل الرجال إلى المسجد، فرفعنا أنا وصديقتي النقاب قليلًا عن وجوهنا. كنا نضحك ونتحدّث عندما ظهر أمامنا رجلٌ من الهيئة فجأةً من حيث لا ندري. شرع يصرخ ويسبّ لأننا كنا مكشوفتَي الوجه من دون حياء، ثم ضرَبَ صديقتي بعصاه الطويلة على ساعدِها لأنّ عباءتها كانت واسعةً تكشف جزءًا من ذراعها. تمكنّا من الهرب لكنّ صديقتي بكت طويلًا لأنها ضُربت على الملأ، وبكيتُ أنا لأنها ضُربت وحدها.

قرّرَت والدتانا ألّا نخبر أبوَينا بما حدث كي لا يتشاجرا مع رجال الهيئة، إذ قد ينتهي بهما المطاف في السجن، ثم حاولتا تهدئتنا بتذكيرنا أن وجودنا في السعودية مؤقت. وبالفعل، كانت صديقتي ستسافر نهاية ذلك العام إلى مصر للدراسة الجامعية، و"هانِت". سيمرّ الوقت بسرعةٍ وترحل ونرحل بعدها إلى حيث لا توجد الهيئة.

أصبحَت الحادثة ندبةً كبيرةً أحملها حتى الآن. نحن المغتربات كنّا نعيش في خوفٍ دائمٍ من مخالفة القوانين الخانقة وما يترتّب على ذلك من توقيفٍ واعتقال. هذا إلى جانب ضغط الأهل الكبير علينا كي لا نتسبّب بفضيحة. كانوا يذكروننا باستمرارٍ بأننا أغرابٌ في البلد، وإذا ما تعرّضنا للخطف أو الاغتصاب، سنعود إلى مصر مُنكّسي الرؤوس.

البعض لا يفضّل الطعمية

درستُ في مدرسةٍ حكومية، ولحسن الحظ لم أكن ضمن أقليةٍ لأن فصلي كان يضمّ جنسياتٍ عربيةً وإفريقيةً عديدة.2 أعتقد أننا تعرّضنا جميعًا للعنصرية المبطنة، لكنّي لا أتذكّر تحديدًا إلا ما مررتُ به أنا.

"أبلة" سميرة، معلمة التوحيد في الصف الثالث الابتدائي، كان يحلو لها كل صباحٍ أن تقول لي ولصديقتي أمام زميلاتنا: "يالمصرية تحبّي تاكلي كشري وفول وطعمية"، لم نكن نعرف كيف نجيبها بينما تضحك علينا هي وباقي الطالبات. لم تكن تشير إلى زميلتي الأردنية التي تجلس خلفي، مثلًا، وتعلّق بأنها تأكل المنسف، بل كانت تخصّنا نحن فقط بهذه التعليقات.

شعرتُ حينها بالخزي لأول مرة، لا لكلامها الذي لم أكن أفهم ما تقصد به، بل لأننا شعرنا أن فينا عيبٌ ما لا نفهمه. ومع ذلك، كنّا نجاريهنّ بالضحك كي لا نُشعرهنّ بأنّ تلك التعليقات كانت تكسرنا. ولعلّ ذلك الضحك هو ما زاد من شعوري بالأذى.

أصبحَت جواربنا الحمراء رمزًا لهويتنا، وكنّا نشعر بالإثارة عندما نخبّئها كي لا نُعاقَب

كنتُ أحاول الانتماء لمحيطي، لاسيما في المرحلة الإعدادية. أخجل من الاعتراف بأنّي كنتُ أحيانًا أضع القفازات أسوةً ببعض النساء السعوديات اللواتي يعتبرن أيديهنّ عورة. لم أكن أعتقد أنّ يديّ عورة، لكن كانت في المدرسة معلّمتان تراقبان البوابة حرصًا على ارتدائنا الزيّ الشرعي المفروض، وكنتُ أشعر بلمعةٍ في عينَي إحداهما وهي تنظر إليّ وإلى قفازيّ أثناء خروجي من المدرسة كأنها تقول لي: "إذًا أنتِ لستِ منهم".

لا أذكر حقيقةً إن كنتُ أعتقد آنذاك أن يدَي المرأة عورة، ولم يسعفني عدم معرفتي حتى ما إذا كانت تلك العادات متبعةٌ في مصر أيضًا، فأنا لم أرَ مصر إلا في سنّ الرابعة عشرة لأننا، لأسبابٍ عائلية، لم نكن نسافر إلى مصر في إجازات الصيف كحال زميلاتي. كنتُ أملأ فراغ عطلة الصيف الطويل في حفظ القرآن مع أمي وإخوتي في دار تحفيظ القرآن. ثم صرتُ أحفظ القرآن حتى أثناء فصل الدراسة. كنت أرتّل القرآن وأجوّده برضًى حقيقي. أقلعتُ عن سماع الأغاني، وعُيّنتُ "طالبة مُصلى"، أي كنتُ أهتمّ بمصلى المدرسة وأشارك في الأنشطة والفعاليات الدينية التي تُقام فيه، ولم أكن أقترب من شعر حاجبي. لكن هذا كله لم يحمِني من الشعور بأنّي دخيلةٌ أحيانًا، ولم يمنع طالبةً من مناداتي: "يالمصرية، يالراقصة، يالطعمية"، وفي كل مرةٍ كنت ألتزم الصّمت تفاديًا لوقوع اشتباكٍ أو مشكلةٍ ما.

كأنّي من دون وعيٍ مني أحاول أن أكون هادئة البال، فلا أكترث حينما يحاول شخصٌ ما إهانتي علنًا. ويبدو أني كنتُ كذلك بالفعل، إذ فشل كلّ شيءٍ في تحميلي أيّ ضغينةٍ تجاه الرياض. أشعر نحوها بالانتماء الكامل، وأندمج تمامًا مع احتفالات الجنادرية واليوم الوطني. أحبّ السعودية، وأحفظ نشيدها الوطني كاسمي، لكنّي لم أكن نفسي حقًا هناكَ ولا تواصلتُ أبدًا مع هويتي المصرية، إلى أن تغير كل شيءٍ لدى بلوغي المرحلة الثانوية.

"الشلّة المصرية"

في الصف الثانوي الأول، تمرّدتُ وزميلاتي المصريّات على الحياة الراكدة في السعودية وما تحمله من إنكارٍ لهويتنا. حياتنا كمغترباتٍ كانت قاربَت نهايتها، إذ كنا سنسافر إلى مصر بعد التخرج من المدرسة لنبدأ الدراسة الجامعية. قد لا يبدو منطقيًا أن نتمرد في ذلك التوقيت طالما أنّ الرحيل اقترَب، لكن لعلّنا كنّا بالفعل سئمنا الجرعات المضاعفة من التنمّر، لذا مع اقتراب الخلاص لم نعُد نُطيق صبرًا.

كوّنا مجموعةً أو "شلّة مصرياتٍ" وبدأنا نتحايل على الزيّ المدرسي والألوان المسموحة للجوارب وأربطة الشعر. صرنا نرتدي جوارب حمراء وزينةً للشّعر على شكل دعسوقاتٍ وتفاحٍ أحمر. كنّا نحتفل كلما شارك منتخب مصر في دوري لكرة القدم، محلّي أو دولي، سواء فاز أم خسر، كما كنا نحتفل بنصر أكتوبر عندما تغلّبَت القوات المصرية والسورية على إسرائيل، محرّرةً جزءًا من أراضي سيناء عام 1973، وعيد تحرير سيناء حين استعادَت مصر السيطرة الكاملة عليها عام 1982، بالإضافة إلى أعيادٍ مصريةٍ أخرى كشمّ النسيم، وسبت النور ورأس السنة الفرعونية.

حين تحاول الأقلية الاندماج مع محيطها والاحتفاظ بهويتها في آن، فهي تحاول حماية نفسها من الإحباط والتخفيف من وطأة العنصرية ضدّها

أصبحَت جواربنا الحمراء رمزًا لهويتنا، وكنّا نشعر بالإثارة عندما نخبّئها كي لا نُعاقَب. كان العقاب يتراوح بين الطرد من الطابور الصباحي، والوقوف خارج الفصل وخلع الممنوعات ومصادرتها. وكلما زاد عددُنا أصبح صعبًا معاقبتنا جميعًا. تعمّدنا أن نظهر بالصورة النمطية التي كانت في ذهن الآخرين عنا: نصفنا "دوافير"، أي متفوقاتٍ في الدراسة بالعامّية السعودية، ونصفنا الآخر راقصات، مع أننا لم نكن نجيد الرقص.

تطور انقلابنا على سلطة المدرسة في العام الأخير، فصرنا نشاغب خارج المدرسة أيضًا. أصبحنا نُعرف بـ"شلة الباص". كنا نخبئ أحذيتنا وحقائبنا تحت العباءة الواسعة كي لا يتعرّف علينا أحد. صرنا نتقمّص شخصيات لاعبي كرة قدمٍ أفارقةٍ ومصريّين، ونمثّل مواقف كوميديةً باللهجة الخليجية التي منعَتنا أمهاتُنا من التحدث بها. لم نكن نثير حفيظة العريفة3 فحسب، بل حفيظة أهلنا ورجال الهيئة أيضًا. كنا نحاربهم بكلّ ما يمثلونه. كنّا نضحك وتضحك معنا راكباتُ الحافلة اللواتي لم تكن حالهنّ أفضل، فقد كنّ مقموعاتٍ مثلنا. كلا المجتمعَين، المحلّي والأجنبي، يقمع نساءه وإن بشكلٍ مختلف. كنّا محطّ إعجاب أولئك الفتيات وشعَرنا بأننا كنّا ننفّس غضبهنّ أيضًا. سنتحرّر من بعض هذه الهيمنة عندما نعود إلى بلدنا، لكن ماذا عنهنّ؟ أين ستصل بهنّ الحافلة بعد انتهاء الدراسة؟

توقفَت عروضنا الترفيهية عندما صاروا يشيرون إلينا في إذاعة المدرسة بالشلّة المجهولة، وتلقينا تهديداتٍ بالكشف عن هوياتنا واتهامنا بالخروج عن النظام والآداب العامة. كانت لتحلّ بنا مصيبةٌ لو تحقّقت تلك التهديدات، لأنها كانت ستؤدي إلى حرماننا من شهادة حسن السيرة والسلوك التي ينبغي بنا تقديمها إلى السفارة المصرية لنتمكّن من دخول الجامعة.

كانت تلك الشهادة أداة قمعٍ أخرى. ما علاقة سلوكي بتوثيق أوراقي لدى سفارة بلدي؟ كنا نظن أن إدارة المدرسة تتحايل علينا لإجبارنا على الكشف عن هوياتنا، لكن أهالينا أيضًا أرغمونا على التوقف قبل الامتحانات النهائية، فالتزمنا وصرنا نعود إلى منازلنا كل يومٍ من دون شغب. في نهاية المطاف، حصلنا جميعًا على شهادة حسن السيرة والسلوك، لكننا كنّا منتصراتٍ وسعيداتٍ بهويّتنا التي صنعناها لأنفسنا.

لا حاجة للجوارب بعد اليوم

أدركتُ مغزى ما قمنا به كشلّةٍ في المدرسة من احتفاءٍ بمصريتنا ولون علمنا، عندما صرتُ أقرأ الفلسفة الاجتماعية. حين تحاول الأقلية4 الاندماج مع محيطها والاحتفاظ بهويتها في آن، فهي تحاول حماية نفسها من الإحباط والتخفيف من وطأة العنصرية ضدّها. بذلك نظلّ كلًا مترابطًا مع مَن يشبهوننا من دون أن يتسلّل الذنبُ إلى نفوسنا حين نكرّم البلدَ الذي وُلدنا وعشنا فيه، ولا نشعر بأننا تخلّينا عن كينونتنا طالما أننا نحاول التواصل مع جذورنا ونتقبّل أن تكون قلوبنا متعلقةً بمكانَين اثنَين.

أحبّ أن أخلد إلى الرياض، أن أتمشى ليلة العيد في الخلاء من دون خوف، فأرى الجبال أمامي والقمر فوق رأسي

كانت لي صديقاتٌ سعودياتٌ غمرنَني بمحبّتهنّ، وكنتُ أواسي نفسي بأنّ وجودهنّ سوف يقيني الشعور بأنّي دخيلة، لكن انسجامي الحقيقي مع محيطي بدأ يتحقق عندما تمسكتُ بجذوري وتوقفتُ عن التفكير بنظرة الآخرين لي.

بحسب عقيدة قدماء المصريّين،5 تخلد كل روحٍ بعد الموت إلى المكان الذي يناسبها. وأنا أحبّ أن أخلد إلى الرياض، أن أتمشى ليلة العيد في الخلاء من دون خوف، فأرى الجبال أمامي والقمر فوق رأسي، يلفّني خلاءٌ لا حدّ له ويدفئ البرودة في أطرافي فنجان قهوةٍ عربية. لا حاجة لجواربي الحمراء بعد اليوم، فحتى إن ناداني صوتٌ ما "يالرقاصة"، سأبتسمُ وأبدأ بالرقص.

 

 

  • 1. التمهيدي هي مرحلةٌ تسبق المدرسة الإبتدائية وتهيّء الأطفال لدخول نظام التعليم. تضمّ بعض المدارس الابتدائية الخاصة فصولًا لمرحلة التمهيدي أيضًا، كنتُ أنا أرتاد إحداها.
  • 2. كنا في الفصل طالباتُ مصريات، وسودانيات، وسوريات، وفلسطينيات، وأردنيات، ولبنانيات، وتونسيات، ومغربيات، وجزائريات، ويمنيات، وأثيوبيات، وصوماليات، وتشاديات، وجيبوتيات، وموريتانيات وأريتريات.
  • 3. العريفة هي طالبةٌ سعوديةٌ تكون أكبر سنًا وأطول قامةً من باقي الطالبات، وظيفتها حفظ الأمن ونقل الأخبار والمعلومات وأسماء المشاغبات للأساتذة. وللعريفة سلطةٌ في الباص، فقد تمنع أيّ فتاةٍ من ركوب الحافلة أو تُرغمها على الترجّل. كان باستطاعة العريفة التواصل بسهولةٍ مع السائق وزوجته التي ترافقنا أحيانًا كمحرم، إذ أنّ السائق لا يتواصل معنا بتاتًا ويتعامل بعدوانيةٍ مع جميع ركاب الحافلة.
  • 4. إيريك هوفر، "المؤمن الصادق: أفكار حول طبيعة الحركات الجماهيرية"، ترجمة د. غازي بن عبد الرحمن القصيبي، أبوظبي، هيئة أبوظبي للثقافة والتراث (كلمة)، 2010، ص 95.
  • 5. د. مصطفى النشار، "الفكر الفلسفة في مصر القديمة"، القاهرة/الرياض، الدار المصرية السعودية، 2004، ص 137-138.