"ترويحة" تزور "جدل"
ننشر على جدل هذا النص الذي يتفاعل مع كوميكس "ترويحة" - وهي مجموعة قصص مصوّرة تتناول تجارب مراهقات/ين يعيشون توجهات جنسية وجندرية مختلفة.
انظروا الحلقة 6 من "ترويحة" خلال الرابط
ننشر هذه المادة كثمرة من ثمار التعاون بين موقع جيم ومؤسسة القوس.
١ - فيَّ أيام ما كظم غيظي فيها. إرتفع ساعدي فهوّى بثريا في سماء العالم، أو إنقضَّ لساني فكسر خاطراً. فيَّ أيام عصفت فيَّ، فابتلعتُ رعدها ودوَّيتُ على أحبائي. كان الغضب نظرةً أحيانًا، صفعةً أحيانًا، همسةً أحيانًا، وندمًا دائمًا. أهلي يخافون من صوتي الغاضب، وأنا أخافُ من عنائهم.
٢ - ولدت في زوبعة. جدَّتي نُكِبت ونُكِبْتُ أيضًا. شاخ الجدار وما زالت النكبة. شاخ الجدار والذكرى ما زالت تنادي أسمائنا من بين تجاعيد الحجر. ولدتُ في القدس، في مجازاتٍ مستهلكةٍ عن الزيتون والصمود والمقاومة. لكن المقاومة، على الأقل في اعتقادي، كانت أن أتمسمَر على الكنبة، أُقلِّب بين نحيب التلفاز على الشهداء، وبين "روتانا" ونجوى كرم. عقلي الطفلُ فَهِمَ الحياةً مُعقَّدة. وطني الذي أُحبه لم يحبَّهُ العالم، وبالتالي لم يحبّني، وبان أنَّه لا يحب النساء ولا أشباه النساء. في المدرسة، كنت أمشي متلصِّصَ الرأسِ، مُتَكوِّر العمود. كنت آخذُ الصّفعات متضاحكاً، وفي سرّي أتمنَّى بطشاً أو قِوى خارقة.
٣ - كبرتُ وكبر الغيظ فيَّ. لا الأدوية ولا العلاج النفسي ولا التأمل كانوا خلاصاً من اكتئابي. لا شيء يطفئ لهيبي. هذه قصّة معروفة: مُنحَنِي الظهر يمشي وفي عيناه بنادق. وفي رحابة الكون، تبعثرت. في تتابع الصدمات، تبعثرت. بات كياني مجرد ردود أفعال.
٤ - كُنت لربما في باصٍ أو على سطحٍ أو في صياح عندما قرأت الخبر: أخٌ طعن أخيه. كنت أظن سكاكين مطابخنا للفواكه والمحتلّ. متناسيا أكباد النساء المقتولة، شُقت وفقأت، بدواعٍ هشة، لا يدوي منها إلا الصدى. فحصلت كحصول الشهيق سابقًا للزفير، وحصول المياه كاسرة الظمأ. عادية، متكررة، لا تحتاج عنونة وونونة.
٥ - في غربتي أدري ولا أدري. أحمل غضبي معادلةً بلا حل. وأحمل حبي على راحتي أيضًا. في خلوتي، أختصر الصياح فاصمت. ليتني بندقية. ليت لي في الرصاص حصّة. أحلامي تموت في أهدابي. أشتكي الرحيل وأشتكي البقاء. أقول لأصدقائي أن حسرتنا متلاشية. على التلفاز، شيخٌ يقول: ما بعد الصبر إلّا الفرج. جدَّتي تردّ: ما بعد الصبر إلّا القبر.
إضافة تعليق جديد