العالم يتغيّر وجيم تكبر 

05/07/2020
379 كلمة

كيف سنحتفل بعيد ميلادنا الثاني؟ عيد ميلاد جيم وسط كلّ هذا الصخب وهذه الأحداث. العالم يتغيّر وجيم تكبر. لن نُخفيكمنّ سرًّا بأنّنا نحبّ الاحتفالات ونحبّ أن نلبس تلك القبّعات الملوّنة الغريبة وننفخ البالونات ونرقص ونطفئ الشموع ونلطّخ وجوهنا بالتورتة ونضحك وكأنّ الأمر مُضحكٌ بالفعل. الاحتفالات صعبة في هذه الأيّام إلى جانب أنّنا فريقٌ صغير وكلّ واحدةٍ فينا من بلدٍ وفي بلد. نحاول أن ندعم بعضنا البعض وأن نلتقي افتراضيّا كي ندردش ونتحدّث عن الأكل والطقس والعلاقات والخيبات والإحباطات. يتسرّب العمل إلى أحاديثنا الحميمة تدريجيًّا، فننتقل من الحديث عن الزيتون المخلّل و"الكراش" إلى مناقشة مُقترحات لملفّات قادمة في جيم، ثمّ نتذكّر أنّنا في استراحة من العمل ونظلّ ندور بين الشخصيّ والاجتماعيّ وجيم. الوضع مُربك ونحتاج إلى الاعتناء بأنفسنا كي نُحسن الاعتناء بجمهورنا.

ولكن كيف نعتني بأنفسنا والعالم من حولنا ينهار؟ تبدو الطريق طويلةً وشاقّةً، ومازلنا بعد في سنتنا الثانية. إنتاج معرفةٍ نسويّةٍ وكويريّةٍ باللغة العربيّة أمرٌ مجهد ولكنّنا نحاول. نشرنا ملفّات عديدة خلال سنتنا الثانية سلّطنا من خلالها  الضوء على مواضيع مختلفة ضمن مقاربات نقديّة: ملفٌ بصريّ عن التجارب الجسديّة والجنسيّة الأولى "أوّل مرّة"، وملفٌ عن الاعتناء بالنفس "كيف أحبّ نفسي؟"، وملفٌ عن "تصنيع الرجولة" وآخر عن السينما والرؤية الكويريّة تحت عنوان "مشاهدات كويريّة للسينما العربيّة". كما نشرنا مقالات ونصوص وبودكاست عن النسويّة في زمن الثورات وجمّعناها في ملف يحتفي بمنافذ الأمل التي تفتحها التحرّكات النسويّة في المنطقة، دون أن ننسى التجارب الخاصّة والتي نُعلي من شأنها في جيم ولا نعتبرها أقلّ أهميّة من المقالات التحليليّة. نحبّ الفصاحة والأصوات العالية الواثقة ولكنّنا أيضًا نحبّ الأصوات المرتبكة والهشّة والمختنقة وهذا ما نعمل عليه في جيم، حيث أطلقنا قسم "جدل" كمساحةٍ آمنة ومفتوحة لهذه الأصوات. نتعاون أحيانًا مع أشخاص لا يحترفون الكتابة بالضرورة ولكنّهن ترغبن في الكتابة عن قضايا التعدّدية الجنسيّة والجندريّة وعن تجاربهمنّ الخاصّة، كاتبات وكتّاب يسعون إلى كسر حواجز الرهبة والخجل فنرافقهم ونرافقهنّ تحريريًّا، ونفكر ونتعلّم سويًا. قد نتعثّر ونتكعبل ولكنّنا نحاول جهدنا أن نستقي الدروس من تجاربنا وأخطائنا وأن نتطوّر. جرت تحت الجسر أنهرٌ كثيرة وتوفّيت ندى زميلتنا وتركت في القلب دوائر محترقة. كان لا بدّ من التقوقع والاختفاء قليلًا. لسنا قويّات ومحاربات دائمًا. عُدنا وفي الحلق غصّة واشتغلنا على مقالات ونصوص كثيرة ونشرنا مواد سمعيّة وبصريّة متنوّعة.

العالم يتغيّر وجيم تكبر ونحن ممتنّات لكلّ من خاضت وخاض معنا هذه الرحلة المتواصلة من جمهور ومساهمات ومساهمين وشركاء. شكرًا لكمنّ وتعالوا نُطفئ شمعة جيم الثانية ونغنّي "سنة حلوة يا جيييم"...