تعرّف/ي على عائشة الشنا

حوار مع عائشة الشنا إحدى أشهر الناشطات النسويات في المغرب، وقد اشتهرت بعملها الدؤوب لدعم الأمهات العازبات.

ولدت عائشة الشنا سنة 1941، حينها كان المغرب لايزال تحت الاستعمار الفرنسي. في سن السادسة عشر ولجت غمار الميدان الجمعوي، عبر انخراطها في جمعيات ثقافية كانت تنشط حينها. وفي سن الثالثة والعشرين، تزعمت نقاش كان يدور حول أهمية التخطيط العائلي، في الوقت الذي كان يرى البعض ذلك "خروج عن إرادة الله".

وفي مساء بارد من سنة 1985، عاشت عائشة الشنا حدث غيّر مسار حياتها. فيما كانت تمارس عملها كممرضة في مستشفى بالدار البيضاء، شاهدت شابة تبلغ ربما ثمانية عشر سنة، تحمل رضيعاً حديت الولادة كان منهمكا في امتصاص الحليب من ثدي أمه. لم تكن الأم متزوجة. فجأة قامت الممرضة التي استقبلت الأم بنزع الرضيع عن صدر أمه بقصد حمله، فإذا بالحليب يتساقط على وجه الرضيع الذي باشر في البكاء والصراخ. كان من الظاهر أن الأم لم ترد التخلّي عن رضيعها، لكن الظروف أجبرتها على ذلك، باعتبار أن المجتمع لا يتقبّل الأم العازبة. حينها أقسمت الشنا على القيام بشيء ما من أجل هؤلاء الأطفال والأمهات. فراح ذاك القسم يطاردها حتى أسست جمعية التضامن النسوي.

يصفها المتطرفون بالداعمة "للّقطاء"، والمدافعة عن "الدعارة والفساد والرذيلة". في مقابل ذلك، لا تترد الحركة الحقوقية في التضامن معها والتنويه بمجهوداتها كلما تعرّضت لهجمات مشابهة.

تنادي الشنا بإدماج التربية الجنسية في المناهج الدراسية. فهي تعتبر أن التثقيف الجنسي هو أداة مهمة وأساسية لمواجهة عدد من المشاكل التي أصبحت تتربص بالمجتمع كالاغتصاب والامراض المنقولة جنسيا. ولعل ذلك هو ما يصب عليها انتقادات قوية من طرف بعض المحافظين الذين يعتبرونها "تخدم أجندات أجنبية هدفها هو توجيه ضربات قوية تحت حزام شعب يحكمه دين الإسلام بغرض زرع بذور الانحلال والتشجيع على الفساد تحت راية الحرية" كما جاء في مقال لعبدالاله بوسحابة على موقع أخبارنا المغربية يهاجمها ويشهر بها.

فيما تعتبر عائشة الشنا أن الإسلام ليس ضد التربية الجنسية، بل على العكس " فكثير من مضامينه تتحدث عن الأخيرة (التربية الجنسية) كشرح مسألة البلوغ، وعلامات الرشد،..." بحسب ما تقول. وهي بذلك تعتبر أن ما تقوم به ليس ضد الدين كما يزعم البعض.

وتعتبر عائشة الشنا أو كما يلقبها البعض "بالأم تريزا المغربية" المرأة الأكثر شهرة في مجال رعاية الأم العازبة و الدفاع عن حقها في الاحتفاظ بابنها في المغرب. ولعل جمعية التضامن النسوي التي تترأسها كان لديها فضل كبير في حماية عدد كبير من الأطفال والأمهات التي تعانين من وضعية صعبة من التشرّد والضياع.


الحوار

هل من الممكن تلخيص مسارك؟

بخلاصة لقد قدمت أكثر من ثمانية و خمسين سنة في سبيل العمل التطوعي والاجتماعي، وكل الجوائز والمكافئات التي أحصل عليها أقدمها للجمعية التي أنتمي إليها لمساعدة الأمهات العازبات والأطفال في وضعية صعبة. الكثير من الناس يقولون أنني أحتفظ بذلك لنفسي، لكن ذلك ليس صحيح.

هل الجمعية التي تترأسينها مازالت تعمل كما كانت؟

في البداية أريد أن أعبر عن حزني من جراء الوضع المالي الذي أصبحت تعيشه جمعية التضامن النسوي. لم تعد لدينا المؤونة الكافية لتنفيذ المشاريع المتعلقة بأهداف الجمعية. ومن لديهم المال لا يريدون مساعدتنا.

هل الدولة هي من كانت تموّل الجمعية؟

لا، لم يكن لدينا أي دعم رسمي من الدولة. المصدر الرئيسي لتمويل الجمعية هو المنظمات الدولية، ومع الأسف فقد توقفت هذه الأخيرة عن الدعم. الله يعلم بالأزمة التي تعيشها الجمعية. هناك عدد من المشاريع المهمة توقفت بسبب قلة الموارد المالية. حقاً هذا شيء محزن ويدفع للحزن أكثر فأكثر.

كيف ترين المستقبل؟

أنا أعتبر أن المجتمع المغربي مجتمع تقليدي، وسيبقى تقليدي بسبب عدة عوامل. مازالت الطريق طويلة حتى يقبل المجتمع بالأم العازبة.

مازالت الطريق طويلة حتى يقبل المجتمع بالأم العازبة

أنا أقول أن الطفل/ة ليس له/ا ذنب، فهو/ي لم ت/يرغب في الخروج إلى هذا العالم، لكن الواقع حتم عليه/ا ذلك. وبغض النظر عن طريقة الحمل سواء عبر ممارسة الأم للجنس خارج إطار الزواج أم لا، أو تم اغتصابها ، أو تمت خلال الخطبة ولم تكتمل الأخيرة، أو تمت في إطار زواج الفاتحة، فالطفل/ة يجب أن ت/يستثنى من كل الصراعات، مادام لاحول ولا قوة له/ا.

وللإشارة فقد رأيت بأم عيني حالات عدة تخص زواج الفاتحة. فعدد من الرجال أنجبوا ثلاث أو أربع أبناء مع نساء تزوجوهم بطريقة زواج الفاتحة، لكن مع الأسف تم التخلي عن الأبناء، لتبقى الأم وحدها تواجه المتاعب.

في نظرك كيف نعالج الأمر؟

أظن أنه يجب العمل أولاً على تدريس التربية الجنسية في المغرب، وإدراجها في مناهج التعليم المدرسية. ومجرد ملاحظة، هناك عدد من الناس لا يعلمون أن هناك آيات من القرآن الكريم تخصّ التربية جنسية، وهناك أطروحة جامعية طبية خصصت لدراسة هذا الأمر. ومع الأسف من بتوجّب عليه/ا التفكير بمصلحة البلاد بالعقل لا يفعلون/ن ذلك، فحقوق الانسان بالنسبة لهم/ن مجرد ثانويات.