ما ينمو على جسمي: أربع قصص عن شَعر الجسم

17/10/2022
1748 كلمة

لاحظتُ منذ طفولتي كثافة الشّعر على جسمي الصّغير. وبينما يتمتّع الذّكور بامتياز يسمح لهم بكشف أجسامهم عمومًا وما عليها من شَعر، تتصارع النساء وأصحاب الهويّات الجندريّة الأخرى مع قلقهمن من أحكام وتنمّر المجتمع. شغل شعرُ جسمي جزءًا كبيرًا من تفكيري على مدى أكثر من عقدَين، حتّى قرّرتُ مؤخّرًا البحث في ما تكنّه نفسي من مشاعر ومفاهيم متجذّرةٍ في شأنه، وكيفية انعكاسها في المجتمع.1 ثم توسّع بحثي حتى صار حديثي في أغلب الجلسات مع الأصحاب والأغراب. أصوغ في هذا النّص تجارب أربعة أفرادٍ حدّثوني عن علاقتهمن بأجسامهمن وتأثير الشَّعر فيها.


ــــ جنى: "لا مهرب من إزالة الشّعر، فقرّرتُ اعتماد الحلاقة عوضًا عن النّتف".

ما لفت انتباه جنى إلى مظهر جسمها أوّل مرّةٍ كان نصيحة معلّمة الرّقص لها بأن ترتدي صدريّةً لأنّ صدرها بدأ ينمو وصار يُرَى. لاحقًا، أقنعَتها أجواء المدرسة الثانويّة وخالتُها بضرورة تهيئة جسدها للنّاظرين، فانتبهَت لشعرها المجعّد، وشعر جسمها وحاجبَيها، ونظّاراتها. تقول: "في لحظةٍ ما، صارت هذه مواضيع نقاش".

جنى امرأةٌ متوافقةٌ جندريًا.2 لم تجادل خالتها عندما دعتها لإزالة شعر جسمها. حضّرَت الخالة عجينة السّكّر ثمّ نتفَت شعر جنى. تقول: "كانت تجربةً مؤلمةً وبطيئة. لكن لا مهرب من إزالة الشّعر، فقرّرتُ اعتماد الحلاقة عوضًا عن النّتف".

ترى جنى أنّها تتفاوض مع نفسها، وعائلتها، والمجتمع عندما تعبّر عن نفسها بأيّ شكلٍ من الأشكال. لأمّها نظرةٌ ناقدةٌ تراها جنى وإن لم تنطق بأيّ كلمة. وفي زياراته، يعلّق أحيانًا أبوها الذي يقيم ويعمل بعيدًا، قائلًا: "أنتِ مثل أمّك، ما بتستعملي مستحضرات التّجميل". فتتساءل جنى: "هل من المتوقَّع منّا أن نكون ’أنيقاتٍ‘ حتّى داخل المنزل؟"

body_hair-img_0459-jana-800.jpg

ترى جنى أنّها تتفاوض مع نفسها، وعائلتها، والمجتمع عندما تعبّر عن نفسها بأيّ شكلٍ من الأشكال. | تصوير زينب مراد

عندما كانت جنى تلميذةً في المدرسة، كانت بعض صديقاتها ينصَحنها بأن "ترتّب نفسها"، ويقلن لها أحيانًا "تعي زورينا لنرتّبك". كانت تلك الملاحظات والنّصائح تزعجها. تقول: "لم أشعر بالأمان الكافي لاستقبال صديقةٍ مقرّبةٍ من دون إزالة أو تغطية الشّعر تحت إبطَيّ إلّا مؤخّرًا. ولم تعلّق صديقتي على الموضوع أبدًا".

بمناسبة تخرّجها، ذهبَت جنى إلى صالون تجميلٍ لتحضّر نفسها للحفل، وسمحَت لخبيرة التّجميل بأن تفعل ما تراه مناسبًا. تقول: "عندما نظرْتُ في المرآة، عرفتُ أنّ مفهومي يختلف كثيرًا عن مفهومها للمكياج، فطلبتُ تعديله حتّى يصبح مريحًا لي. وطبعًا، لاحظ الجميع شَعري الأملس والمكياج على وجهي، فتلقّيتُ الكثير من الإطراء".

عندما كانت جنى صغيرةً وتقيم في الخارج، لم يتطلّب الذهاب إلى البحر أيّ تفكيرٍ أو مجهود، لكن منذ عودتها إلى لبنان، صار المشوار مشروطًا بإزالة شعر جسمها. تشرح: "لم يكترث أحدٌ هناك لشعر الجسم. انتباهي لشَعر جسمي أتى متأخّرًا، مع عودتي إلى لبنان".

وتضيف: "تزورني خبيرة التّجميل مرّةً كلّ شهرٍ لنتف شعر جسمي كي أستطيع الذهاب إلى البحر في خلال الأسبوعَين التّاليَين. أذهب إلى البحر مرّاتٍ قليلة، وفي بعض الصّيفيّات، لا أقصد البحر على الإطلاق".

*********************

ــــ لمى: "كنتُ أشعر أنّني مخلوقٌ فضائيّ كلّما جرّدتُ جسمي من الشَّعر".

توقّفَت لمى عن إزالة شعر جسمها باكرًا. كانت في سنّ الخامسة عشرة. لم تُرد أن تسبّب الألم لجسمها. تقول: "كنتُ أشعر أنّني مخلوقٌ فضائيّ كلّما جرّدتُ جسمي من الشَّعر. آخر مرّةٍ نتفتُ فيها شعر جسمي كانت لمناسبة حفل تخرّجي في الجامعة. لم أهنأ بالاحتفال. شعرتُ أنّ شيئًا ما كان ناقصًا".

تعرّضَت لمى، وهي متوافقةٌ جندريًا، للتّنمّر بسبب شَعر جسمها طيلة أعوام الدّراسة. "لازم تشيلي شعر إجريكي. شي كثير بقرّف"، كان تعليقًا متكرّرًا في المدرسة. كما كانت أمّها تقول لها: "عم ربّي غوريلّا؟ أنتِ مثل الرّجال!" لكنّ لمى لم تُعِر اهتمامًا لأيٍّ من هذا لأنّ حبّها لجسمها مشعرًا كان أكبر من أن تضحّي به في سبيل نيل استحسان الآخرين. تقول: "عندي حبّ غريب تجاه شعر الجسم. هو حبّ حياتي. أعشقه!"

body_hair-img_0479-lama-800.jpg

لم تقصد لمى الشاطئ منذ أكثر من خمسة عشر عامًا رغم رغبتها في السّباحة بحرّيةٍ في البحر. | تصوير زينب مراد

تقول لمى إنّها أحيانًا تُسأل في أماكن عامّة عمّا إذا كانت أنثى أم ذكر. وتشرح: "أفكّر قليلًا، ثمّ أجيب ’نص نص‘. لا يهمّني تحديد الجندر، حتّى إذا ما خاطبَني أحدٌ ما بضمير المذكّر أجيب بالضّمير نفسه، لا أرى داعيًا لتصحيحه".

تشعر لمى بالغيرة من الحريّة التي يتمتّع بها الرّجال في إظهار شعر جسمهم، بينما يستفزّهم شعرُ جسمها. وتشرح: "يشعرون بأنّ رجولتهم في خطرٍ عندما يواجهون امرأةً مشعرة، فيحاولون فرض هيمنتهم بطرقٍ مختلفة، فيتصرّفون بذكوريّةٍ سامّة. شعر الجسم قوّةٌ يخافها الرّجال عندما تمتلكها امرأة".

غالبًا ما تبرز معضلة "ما العمل بشَعر الجسم؟" عند ارتداء ملابس البحر. لم تقصد لمى الشاطئ منذ أكثر من خمسة عشر عامًا رغم رغبتها في السّباحة بحرّيةٍ في البحر. في زيارتها الأخيرة إلى مسبحٍ خاصّ، كشفَت عن جسمها من دون إزالة الشَّعر، فكانت ردّات الفعل التي لاحظَتها مزعجة. تقول: "رأيتُ العبوس على وجوه الناس، فقرّرتُ عدم الذّهاب إلى البحر أو الكشف عن جسمي في أيّ سياقٍ آخر بعد ذلك".

*********************

ــــ جمال: "لم تعد كثافة شَعر جسمي تزعجني أو تحرجني. على العكس، صارت جزءًا لا يتجزّأ من هويّتي".

لم تتستّر النّساء في عائلة جمال عن عادات إزالة شَعر أجسامهنّ. ويشرح: "كانت طبخة. تتجمّع النّساء في بيتٍ واحد، يصنعن عجينة السّكّر، يطوينها، يفردنها، ثمّ ’شلاخ!‘ ينتفن الشّعر".

نما الشّعر حول حلمتَي جمال قبل أترابه. ودفعَت به ملاحظات رفاق المدرسة إلى مشاورة أخته في شأن وسائل إزالة الشّعر. يقول: "نصحَتني باستعمال الشّمع، بينما كانت هي قد أزالَت شعر جسمها نهائيًّا باللّيزر، كما هو متوقّعٌ من أيّ أنثى".

body_hair-img_0427-jamal-800.jpg

نما الشّعر حول حلمتَي جمال قبل أترابه. ودفعَت به ملاحظات رفاق المدرسة إلى مشاورة أخته في شأن وسائل إزالة الشّعر. | تصوير زينب مراد

هو رجلٌ متوافقٌ جندريًا. وكان الشاطئ أكثر الأمكنة التي لفتَت انتباهه إلى جسمه، حيث لاحظ أنّ للرّجال شعرٌ على كامل أبدانهم، وللصّبيان أجسامٌ جرداء. أما هو، فتوجد على صدره "قطرتا ماءٍ بالمقلوب"، حسبما وصَف شعرَ حلمتَيه النابت حديثًا عندما كان في سنّ الرّابعة عشرة.

نصحه رفاقه المقرّبون باستعمال "أندريه - للرّجال"، وهو مرهمٌ كانوا يستخدمونه لإزالة الشّعر. استغرب أبوه رغبته في إزالة شعر جسمه، لكنّ أمه لم تأبه وسمحَت له بشراء المرهم. يتذكّر جمال الشعور بعد استعماله، قائلًا: "بالرّغم من الرّائحة الكريهة التي كانت تنبعث بعد استخدام المرهم، كنتُ أشعر أنّي صرتُ نظيفًا".

قبل أن يتعرّف إلى "أندريه - للرّجال"، أرسل له صديقٌ صورةً لحوارٍ دار في إحدى مجموعات المحادثة التي تضمّ بعض الفتيات الأكثر شعبيّةً وآخرين من رفاق المدرسة. في المحادثة، سأل أحدهم: "أتعرِفون جمال؟"، فردّت إحدى الفتيات: "أتقصد القرد؟"، ثم توالَت القهقهات المكتوبة.

body_hair-img_0402-jamal-800.jpg

مع مرور الوقت وتزايد الشّعر على جسمه بعيدًا عن الأنظار، فقدَ جمال الدّافع لاستخدام "أندريه - للرّجال". | تصوير زينب مراد

حاجبا جمال متّصلان، ما دفع بصبيان المدرسة إلى تلقيبه بـ "بوسينغوا"، تيمّنًا بلاعب كرة القدم البرتغالي السّابق جوزيه بوسينغوا المعروف باقتران حاجبَيه بعضهما ببعض. في إحدى المرّات، أخذ جمال بنصيحة صديقاتٍ له في المدرسة وأزال الشَّعر بين حاجبَيه المتّصلين. يقول: "كنّ فخوراتٍ بي، لكن ظلّ لقبي 'بوسينغوا'".

مع مرور الوقت وتزايد الشّعر على جسمه بعيدًا عن الأنظار، فقدَ جمال الدّافع لاستخدام "أندريه - للرّجال"، خاصةً قبل الذهاب إلى البحر. يشرح: "لم تعد كثافة شعر جسمي تزعجني أو تحرجني. على العكس، صارت جزءًا لا يتجزّأ من هويّتي. صرتُ أقوم بتشذيب الشّعر في بعض أنحاء جسمي عندما أشعر بالحاجة إلى ذلك".

*********************

ــــ جولز: "تغيّرَت نظرتي لنفسي بعدما تغيّرَت نظرتي للشَّعر".

"جسمك بشع. لازم تشيلي شعر جسمك"، تردّد هذا التّعليق على مسمع جولز كثيرًا حتّى قبل أن يُسمَح لهم3 بإزالة شعر جسمهم. دفعهم اشمئزاز المحيط للاعتقاد بأنّ جسمهم مقرفٌ ويستحقّ الكره. يستذكرون: "كانت أمّي وأختي تقولان أنّ جسمي مُشعر، وأنّ الشّعر الدّاكن والكثيف على الجسم بشعٌ لأنّه يشبه شعر أجسام الرّجال".

بالنسبة لجولز، الشخص العابر لا ثنائيّ الجندر، يرفض المجتمع سعي الفتيات إلى جذب الانتباه قبل أن يصبحن "صبايا". وعندما يبلغن، يستنكر المجتمع نفسه عدم اتّباعهنّ معايير الأنوثة المتوافَق عليها عُرفًا لجذب الانتباه. بحسب جولز: "يجب على البنت ألّا تهتمّ بمظهرها قبل أن تصبح صبيّة، لأنّها بذلك تعبّر عن رغبتها في أن تكون محطّ اهتمام، بينما يجب عليها ألّا تطلب الاهتمام، لأنّها بنت".

body_hair-img_0334-jules-800.jpg

بالنسبة لجولز، النّظرة الثّنائية إلى شَعر الجسم لا تنسجم مع القيم النّسوية. | تصوير زينب مراد

أزالَت أمّ جولز شعر جسمهم في سن السّادسة عشرة لضرورة ارتداء فستانٍ في إحدى المناسبات. يقولون: "لم يكن لأمّي شعرٌ على جسمها، وكانت تتباهى بفخرٍ ’ما عندي أيّ وبصة4‘ أما أنا، فكنتُ كلّني ’وبصة‘. كانت تسألني، ’أخواتك مش مثلك، من وين جبتي هالجينات؟‘"

حتّى في السابق، عندما كان يجري التعامل مع جولز كامرأةٍ متوافقةٍ جندريًا ومخطوبةٍ لرجل، رفضوا الانصياع الكامل للقوالب الجندريّة النمطية. كان مُتوقَعًا من جولز القيام بواجبات الخطيبة تجاه خطيبها ليتمتّع بمظهرها وملمسها، لكنّهم تمرّدوا وأبقوا على شَعر الذّراعَين. كان يوجَّه للخطيبَين السّؤال السّاخر، "كيف تفرّقان بين ذراعَيكما؟"، في إشارةٍ إلى أنّ يدَي جولز تشبهان أيدي الرّجال.

بحسب جولز: "كنتُ أكره أن أزيل شعر جسمي لأنّها عمليّةٌ مؤلمة، وكنتُ أكره تركه لأنّني كرهتُ جسمي بسبب الشّعر. بين كره نفسي وكره الآخرين، اخترتُ أن أكره الآخرين وأزيل الشّعر".

نعتقد أحيانًا أنّ من البديهيّ أن تؤدي عملية إزالة شعر الجسم إلى الشعور بالسّعادة والرّضا، لكن وفقًا لجولز: "كان الشّعور بالسّعادة المتوقّع ناقصٌ دائمًا. اختبرتُ تلك السّعادة مرّتَين فقط خلال حياتي، عندما أزلتُ الشّعر بناءً على رغبةٍ شخصيّةٍ بحتة".

كانت مقارنة جولز بالرجال أمرًا معتادًا بالنسبة إليهم، حتّى أنّ والدَاهم اعتبراهم مشابهين للذّكور، وكانا يقبلان بالأمر ضمن الأسرة لكن يرفضانه على مرأًى من المجتمع. لكن ما غاب عن فهم الوالدَين هو أنّ جولز فعلًا غير ثنائيّ الجندر.

في إحدى المرّات، في ساحة الشهداء، وفقًا لجولز: "تجمّع سبعة صبيانٍ يتحزّرون جندري. حلّل أحدهم، ’تضع حلقة، يعني بنت!‘ وآخر، ’يوجد شعرٌ على جسمه، يعني صبي!‘". لدى جولز إيمانٌ عميقٌ بأهمّية تلك المواقف في تفكيك المعايير النّمطيّة، قائلين: "يسعدني أنّ هذه المواقف تثير فضول الصّغار وتُريهم أنّ الحيرة أمرٌ طبيعيّ، ولو وقعت خارج المعايير النّمطيّة".

body_hair-img_0330-jules-800.jpg

بحسب جولز، من المهمّ التشديد على أنّهم لا يتركون شعر جسمهم لأنّهم عابرون غير ثنائيّي الجندر، بل لأنّهم مرتاحون في جسمهم كما هو. | تصوير زينب مراد

لا تفوت جولز تساؤلاتُ الناس على الشاطئ أيضًا في شأن جندرهم، صبيّ أم بنت؟ منذ حوالي ستّة أعوام، توقّفوا عن الذّهاب إلى البحر بسبب رغبتهم بترك شعر جسمهم ينمو. مرّت سنتان قبل أن يقرّروا إزالته بعد صراعٍ مع الحيرة بين مواجهة نظرات النّاس، وتفادي القلق بشأنها والاستمتاع بالوقت مع الأصدقاء. بعد عامَين أو ثلاثة، بادر أحد الأصدقاء من الدائرة النّسوية إلى دعوة الأفراد الرّاغبين/ات في الذّهاب إلى المسبح من دون إزالة شَعر أجسامهمن. في ذلك اليوم، اعترى القلقُ جولز وصارعه لستّ ساعات، وكانوا على وشك رفض الدّعوة: "كان شَعر جسمي هو السّبب الأساسيّ لعدم زيارتي الشاطئ. عندما ذهبتُ أخيرًا بجسمي المشعر، وجدتُ أنّ الجميع مستمتعٌ بحريّةٍ وأريحيّةٍ، غير مبالٍ بشَعر الجسم نهائيًّا. فقلتُ في نفسي: ’حسنًا، هذا جميلٌ وآمن‘".

بالنسبة لجولز، النّظرة الثّنائية إلى شَعر الجسم لا تنسجم مع القيم النّسوية: "يعتبر البعض أنّ إزالة الشَعر خطيئة، بينما يرى البعض الآخر أنّ مَن لا يزيلونه يشوّهون سمعة الحركة النّسوية. لا يحقّ لأحدٍ أيًا كان أن يملي على الآخرين ما يجب عليهم أن يفعلوه ويشعروا به تجاه أجسامهم. إنه خيارٌ شخصيّ".

بحسب جولز، من المهمّ التشديد على أنّهم لا يتركون شعر جسمهم لأنّهم عابرون غير ثنائيّي الجندر، بل لأنّهم مرتاحون في جسمهم كما هو: "حتّى عندما كنتُ أتصرّف كامرأةٍ متوافقةٍ جندريًا، لم يكن يضايقني الشَّعر خارج الدائرة التي كانت تضغط عليّ لإزالته. أراه يعزّز أيضًا انزعاجي الجندريّ/الجسديّ، وهنا تقع المعضلة. فمن جهة، لا أريد جندَرة شعر الجسم. ومن جهةٍ أخرى، لا يمكنني إنكار المعاني التي يعكسها الشّعر في ظلّ تجذّر ثقافة الثّنائية الجندرية في مجتمعنا".

اليوم، لجولز حرّية الاختيار بين إزالة شَعر جسمهم وتركه متى وكيفما شاؤوا، لكنّهم يتعمّدون إظهاره خاصّةً عند زيارة الوالدَين: "أحبّ أن يرى والداي هذا الجزء منّي عندما أزورهما. أشعر أنّني أدعم قضيّتي عندما ينظران إليّ ويعتادان الأمر تدريجيًّا". أحيانًا يعلّق والدا جولز ممازحَين: "طوّلي شعر راسكِ بدل هيدا الشّعر". 

وفقًا لجولز: "تغيّرَت نظرتي لنفسي بعدما تغيّرَت نظرتي للشَّعر. الآن، ينمو الشَّعر على جسمي، وأعرف ما أحبّ وما لا أحبّ أن أفعل به. يساعد هذا الآخرين والأخريات في معرفة أنّهمن لسنَ وليسوا وحدهمن".

___________

ملاحظة: جميع الأسماء الواردة في هذا النص هي أسماءٌ مستعارةٌ بهدف حماية هويّات الأشخاص.

 

 

  • 1. تمكن متابعة بحثي في هذا البوست، وهذا البوست وهذا البوست على صفحتي على إنستغرام.
  • 2. أي أنّ جنسها البيولوجي الذي وُلدَت به يُطابق هويّتها الجندرية، فهي وُلدَت أنثى وتُعرّف عن نفسها امرأة.
  • 3. جولز يفضّلون استخدام ضمير الجمع للإشارة إلى أنفسهم.
  • 4. مصطلحٌ يُستخدم في محيط جولز ويعني "وَبر"، وهو الشّعر بالغ الرقة والنعومة.