المجتمع صار يتقبل صورة المرأة البلاستيكية أكثر من المرأة الرشيقة الصحية.
”من الذي يحدد كيف يكون جسم المرأة وإذا كانت عضلات المرأة البارزة استرجالًا؟ فهل يُعد الرجال الذين لا يمارسون الرياضة مستأنثين؟ هل هناك شكل واحد لجسم المرأة وآخر للرجل؟" أسئلة طرحتها المدربة والمستشارة في اللياقة البدنية و بناء الأجسام البحرينية هيفاء الموسوي. وأضافت: "نحن نعيش في مجتمع شرقي ذكوري دائمًا ما يخفض السقف لإنجازات المرأة في جميع المجالات وليس فقط في المجال الرياضي“.
سعت الموسوي لتخفيف وزنها وهو ما قادها خلال السنوات الماضية لرياضة كمال الأجسام، فقررت حمل رسالة أسلوب الحياة الصحي للمجتمع.
”أحاول إيصال هذه الرسالة من خلال عرضي للنتائج الملموسة لعدد كبير من الأشخاص الذين قمت بالإشراف على تدريبهم ومتابعتهم، كذلك من خلال مشاركة متابعيني على وسائل التواصل الاجتماعي بمعلومات قد تفيدهم في تغيير نمط حياتهم واستبدال عاداتهم الغذائية الخاطئة ومساعدتهم لإيجاد الحلول المناسبة لهم سواء كانت متعلقة بممارسة النشاط الرياضي أو من خلال عرض معلومات تتعلق بالتغذية بشكل عام".
تتلخص مهام الموسوي في مساعدة الأفراد على فقدان الوزن الزائد ومساعدتهم على تغيير نمط حياتهم لنمط حياة صحي عن طريق تغيير عاداتهم الغذائية ووضعهم على نظام تمارين رياضية تُصمّم خصيصًا لهم وذلك حسب العمر والهدف، حسب ما أوضحت.
”بدأ الشغف مع محاولة التخلص من الوزن الزائد ممزوجًا بشغفي برياضة التقوية و بناء الأجسام، فاستطعت التخلص من الوزن الزائد بطريقة صحية جدًا، حيث تعتمد تمارين التقوية بشكل كبير على التغذية السليمة المتكاملة العناصر، وهو أمر تطلّب الكثير من الوقت والجهد و الإرادة و الاستمرارية“.
في مجتمع محافظ كالمجتمع الخليجي، تعمل هيفاء البحرينية في دبي لتشرف على اللياقة البدنية لعشرات الأشخاص، وهو ما جعل المجتمع يرى فيما تقوم به تعديًا على العادات والتقاليد وقفزًا عن الصورة النمطية للمرأة الضعيفة والناعمة، خصوصًا وأن الموسوي تنظر إلى بناء الأجسام بأنه "ليس مجرد رياضة كما يعتقد البعض، بل هو أسلوب حياة وممارستها تتطلب الكثير من الوقت والانضباط لفهمها".
تؤكد الموسوي على أنها ليست المرأة الوحيدة في اهتمامها ومتابعتها لرياضة كمال الأجسام في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فهناك الكويتية دينا الصباح والمصرية خلود عصام والأردنية فرح ملحس.
وقد واجهت الموسوي عددًا من العقبات، أبرزها برأيها انحسار هذه الرياضة في أوساط السيدات في المنطقة وقلة الخبرة في تدريب السيدات، ومن ناحية أخرى اعتبار هذه الرياضة حصرًا على الرجال وتابوهًا على النساء في المجتمع الشرقي.
من الذي يحدد كيف يكون جسم المرأة؟
توضح الموسوي أنها تواجه العديد من التعليقات السلبية يوميًا؛ "نظرة المجتمع تختلف باختلاف مستوى الثقافة لدى الأفراد بشكل عام، ليس هناك نظرة معينة، فقد تلقيت الكثير من التشجيع من فئة والكثير من الانتقاد من فئة أخرى". كما أشارت إلى أن المجتمع الذكوري الذي تأتي منه يقلل من شأن ما قامت به لإحباطها وسحبها للخلف، إلا أن ذلك لم يقلل من إرادتها: "رد فعل الكثيرين في المجتمع كانت سلبية وغير مجدية، وذلك لعدم إلمامهم أو لافتقارهم للفكرة الصحيحة عن هذه الرياضة، كما أن هؤلاء على قناعة بأنها تقتصر على الرجال".
تسرد الموسوي بعض التعليقات الذكورية التي وُجِهت لها: ”لماذا تمارسين هذه الرياضة؟ وما الذي تريدينه من ذلك؟ وإلى أين ستصل بك هذه الرياضة؟“ وقالت أنه قد لا تبدو الأسئلة نفسها مؤذية، بل الطريقة التي يلقونها بها، والتي يملؤها الاستهزاء أو الاستنكار.
”نحن نعيش في مجتمع شرقي ذكوري دائمًا ما يخفض السقف لإنجازات المرأة في جميع المجالات وليس في المجال الرياضي فقط، و لكن في نهاية المطاف هي مجرد تعليقات لا تمت للمنطق أو الواقع بصلة، تأتي في أغلب الأحيان من أشخاص ليس لديهم أدنى فكرة عن هذه الرياضة أو أي رياضة بشكل عام، ذلك في الوقت نفسه الذي تثبت فيه المرأة نفسها وتتألق في جميع المجالات“.
تقول الموسوي بأن التعليقات السلبية لا تؤثر عليها: ”لإيماني أن لكل منا وجهة نظر، ومن الطبيعي أن يعبر الآخرون عن آرائهم، ولكن ما يثير الاهتمام هو تلك التعليقات المبنية على جهل وعندما لا يكون للناقد أي علم أو ثقافة في هذا المجال“.
كما تواجه هيفاء تعليقات أكثر مباشرة مثل ”هذا ليس جسم امرأة“، و“جسم المرأة لا يجب أن يكون بهذا الشكل“ و“هذا استرجال“، لكنها لا تؤمن بأن هناك شكلًا واحدًا للمرأة وشكلًا واحدًا للرجل؛ هناك جسم رياضي وآخر غير رياضي، هناك جسم رشيق وجسم غير رشيق، هناك جسم صحي وآخر غير صحي.
”من الذي يحدد كيف لجسم المرأة أن يكون؟ تلجأ الكثير من النساء هذه الأيام لعمليات التجميل أو ما شابهها وفي أحيان كثيرة تقوم المرأة بتغيير ملامح جسمها ووجهها لتصبح أكثر جمالا وجاذبية، هل هذا هو شكل المرأة الذي يريده المجتمع؟ وما هو الشكل الذي يجب أن يكون عليه؟ أصبحت مفاهيم الجمال عند المرأة مصطنعة، في حين أن رياضة بناء الأجسام تربط مفاهيم الجمال فيها بالرشاقة والقوة الناتجتين عن ممارسة تمارين اللياقة البدنية والتغذية المتكاملة“.
تعتقد هيفاء الموسوي أنها ساهمت في تغيير نظرة الناس الذين تتعامل معهم لصورة المرأة المدربة لكمال الأجسام.
توضح: ”تغيّرت نظرتهم كثيرًا لأن الناس أصبحت أكثر ثقافة وأكثر إيمانًا بقدرات المرأة، فالأشخاص الذين أشرفت على تدريبهم مثلا، لقو النتيجة المطلوبة وكذلك ممن لم أدربهم بل فقط دعمتهم بالمعرفة والمعلومات فكان ذلك أساسًا لنجاحهم، تغيرت نظرتهم لأهدافهم وأصبحوا يرون الصورة الكاملة وهي عيش حياة صحية“.
أما عن خططها المستقبلية فتقول الموسوي: ”الاستمرار في نشر ثقافة اللياقة البدنية والصحة بصورة عامة والعمل مع بعض المؤسسات لنشر التوعية في المجتمع وذلك للحد من الأمراض المنتشرة حاليًا والتي لها صلة مباشرة بالسمنة والعادات الغذائية الخاطئة ومن أبرزها أمراض السكر والضغط وآلام المفاصل وانحسار النشاط البدني“.
وتعوّل هيفاء الموسوي كثيرًا على الجيل الجديد في تقبله المرأة بأشكال مختلفة عن التي يعرفها بالعادة: ”الجيل الجديد جيل مثقف ومتقبل للمرأة وعملها في جميع المجالات، فقد أثبتت المرأة نفسها بإنجازاتها على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي بالرغم عن وجود الكثير من الضغوطات المجتمعية“.
*جميع الصور تقدمة هيفاء الموسوي
إضافة تعليق جديد