حين بدأت بالبلوغ، كان الشعر ينمو على جسدي بكثرة. لاحظت أمي وأخواتي ذلك. عقدن اجتماعًا بينهن - كنت أشعر أن شيئًا ما غريبًا يحدث. ثم أخذوني إلى الغرفه وبدأت أختي الكبرى بإلصاق الشمع اللزج على يدي ونزعه بقوة. كنت أتألم، لم أكن أعرف مصدر ذلك الألم. هل هو نزع الشعر النامي على جلدي؟ أم أنه الشعور بالعار الذي تملكني؟
كنت اتساءل لماذا علي أن أبدو كطفلٍ رضيع بجسد أملس وخالٍ من الشعر بينما كان الشعر طبيعيًا جدًا، بل ومحببًا على أجساد أخوتي الذكور. كبرت وأنا أحمل العار في أعماقي. كنت أصاب بالهلع حين يعود الشعر لينمو من جديد على جلدي. كنت أكره جسدي المليء بالشعر، وأتذكر كلام أختي الكبرى، "أزيلي شعر جسدك، إنه مقرف". لم أكن الضحية الوحيدة لقوالب المجتمع بل كانت أمي وأخوتي أيضًا.
على مدى العصور، وضِعت النساء في قوالب وأنماط لتحد من طاقاتها وتُضعف إمكانياتها. فجعلت من المرأة (جنس ثاني) وفي مرتبة أقل من الرجل. وسلّعت جسدها وجعلت مهمتها الوحيدة إمتاع الرجل والعناية به. وفي كل مرة تحاول الوقوف في وجهه، يتم اعتراضها بإحدى تلك الجمل: "المرأة عقلها ناقص" أو "صوتكِ عورة".
أصبح الأمر منهكًا للغاية. إن مواجهة المجتمع بأسره والأيديولوجيات التي تم غرسها في عقولنا أصعبَ مما تخيلنا. منذ أن تولد الأنثى يتم تدريبها لدور ربة المنزل، حتى وإن كانت المرأة قادرة على العمل والنجاح فيه أكثر من زوجها أو أخيها. "الرجال قوامون على النساء"، شعار يحمله الكثيرون في وجه النساء كوسيلة أو حجة لاقناعهن بأن قدراتهن محدودة ويجب على رجل أن يكون قوامًا عليهن.
تزيد نسبة ضحايا جرائم "الشرف" يومًا بعد يوم. ويتم تطبيق أشنع وأبشع أنواع العنف في حق النساء بحجة "الشرف". هوس المجتمع في غشاء البكارة يبرر تلك الجرائم ويعتبرها "غسلًا للعار". تعاني الإناث من الكثير من القيود والحواجز التي تصعب الحياة أكثر عليهن. تولد الأنثى ليتم أدلجة عقلها مباشرةً والتحكم بجسدها ومن ثم معاقبتها في حال قررت أن تكون المتحكم الوحيد في نفسها وجسدها.
أؤمن بالثورة النسوية وبنجاحها. أعلم أننا قادرون وقادرات على تغيير كل شيء. وأرى أن الفن يمكن أن يحدث فرقًا في محاربة المجتمع الذكوري. ليس الأمر سهلًا ولكنه ممكن. لنبقى صامدين حتى نقلب كل الموازين ونحقق السلام للجميع.
Comments
تلمس القلب ومعبره جدًا انا فخوره فيك
رؤية هذه المضامين وقراءة هذه الكلمات تملأني بالأمل وبالقوّة كذلك. حربنا صعبة، وقاسية، وباردة، ولكنّها ليست مستحيلة. لنبدأ بأبسط الأمور. لم أقبل أن أغيّر اسم عائلتي عندما تزوّجت، ولم اضيف اسم عائلة زوجي كذلك، وفوجئت بأنّي الوحيدة التي حتى خطرت ببالها فكرة كهذه. انا لست مُلك لزوجي ولا لعائلته، ولدت بهذا الاسم وسأبقى معه. على أمل أن اولادي يكبروا ليروا أنه من المنطقي أن يحملوا اسم عائلتي الى جانب اسم عائلة اباهم. برأيي من ابسط الأمور، الحروبات والثورات والتغييرات تبدأ. ليس هناك مستحيل ما دام نحن النساء نؤمن بأنفسنا وبالقوّة العظيمة الكامنة داخلنا، فلندعم بعضنا البعض.
إضافة تعليق جديد