ماذا يعني أن تولدي من قلب امرأةٍ خائفة؟
تقدّم لكِ الخوفَ طازجًا على الفطور والغداء والعشاء.
"أخاف" هي الكلمة التي تسبق معظمَ جُمَل أمي. بات استخدامها والشعور بها أمرًا معتادًا.
تخاف أمي التجارب، والناس، والخروج ليلًا وما تُوَسوِس به نفسي.
تخاف أمي الفقد، والحزن وحتى الفرح. فعندما نضحك كثيرًا بصوتٍ عالٍ، ينقبض قلبها وتقول: "يكفينا شرّ هذا الضحك"، كأن مصيبةً ما ستضربُ لا محالة.
أحاول مرّاتٍ اللجوء إلى قلبها، فأمكثُ هناك مضطربةً وأنا أسمع صوت خوفها بدلًا من دقّات قلبها.
وفي المرّات القليلة التي يعبّر فيها هذا القلب عن الحب، أجدُ الشعور غريبًا، كأنّي لا أعرفه ولا يمكنني التعرّف إليه. بالنسبة لي، حبّها يظهر دائمًا في شكل خوف.
مع الوقت، أدركتُ أننا لا يمكن أن نجتمع في مكانٍ واحد، أنا وخوفها، فقد ملأ قلبَها بالكامل حتى رماني خارجًا. ومع ذلك، ها هو يلاحقني، إذ أشعر بأنّ عليّ تحمّل جزءٍ من مسؤوليته لمجرّد أنني موجودة، لمجرّد أنني ابنتها. وبالرغم من المسافة التي أسعى دائمًا إلى وضعها بيننا، لا مهربَ من ظلّه الثقيل الذي ينسدل عليّ ويقيّدني.
في نهاية مكالماتنا الروتينية، أحاول أن أُطمئنَ قلبها وأخبرها بألّا تخاف. لكن لا جدوى من الأمر، كأنّ كلماتي لا صدًى لها ولا وقع. جوابها يأتي دائمًا: "طيّب، لا تخلّيني أخاف عليكِ وينشغل بالي". عبثًا أكرّر: "لا تخافي، يا أمي. لا تخافي. لا تخافي". ربما كانت هذه الجملة التي أحتاج أن أسمعها أنا منها؛ فأنا أيضًا بي خوفٌ، وإن اختلف شكله ولونه وحجمه عن خوف أمي.
- الرسمة لدارين خالد
إضافة تعليق جديد