عن لطخةٍ تسرق الأنظار

في هذه الرسمة، وضعتُ لطخةً على جسمٍ غير محدد، جسم لا ملامح له يرقد على أحد الشراشف البيضاء التي كانت جدّتي تتحدّث عنها كلّما كانت تثير موضوع الزواج - هو من أساسيّات «العروس». الجسد ممدّدٌ على جدارٍ من الشبك لونه بلَون حقول القمح، وشكله كقطعة القماش التي «تحفظ ويُباع» القمح فيها. الجسد ينزف بقوةٍ ولكن بهدوء، فتتدفّق سوائله وتخثّراته على القماش الأبيض الذي كان عليه أن يبقى أبيض اللّون. هناك حبّةٌ على هذا القماش، حبّةٌ حقيقيةٌ كالجسم. تدور كواكب من الحبوب في فلك هذا الجسم بشكلٍ منظّمٍ لكن فوضوي، فتؤثّر في كل ما يحيط بها أو ما تحيط به، محافظةً على توازنها خارجًا عن السيطرة.

بات الجسم الدامي محور هذا الفلك الآن. هناك وجهٌ من دون تعابير ملحوظةٍ ينظر إلى جهة اليسار، فيما الجسد الذي يحمله ممدّدٌ على وردةٍ جافةٍ ومجموعةٍ من المخلوقات البحرية، من بينها قنديل بحرٍ أزرق ونادر، معروف بطبيعته اللافتة والسامة. يذكّرني بالساحرات اللواتي يخشاهنّ الناس. وهناك حوتٌ فسيفسائيٌّ أزرق، يمثّل الحاجة إلى التجّمع والصداقة والدعم والتضامن.

في الأسفل (المتجاهل) إلى جهة اليمين، جمهورٌ ساكنٌ يحدّق بالجسم من زاويةٍ لا تسمح له إلّا برؤية الدم والبطانة البيضاء «الضائعة»، وبالطبع، الحبوب المنظّمة.

للأدوية آثارٌ جانبيةٌ يتمّ تطبيعها، تمامًا مثل الأوجاع. نحن بحاجةٍ إلى بيئةٍ رعائيةٍ جماعيةٍ حاضنةٍ نستطيع أن نلجأ إليها، من دون أن يشغلنا ويلهينا الجمهور الساكن، وكلّ من اعتاد الاستمتاع بمشاهدة نضالاتنا اليومية.


ملاحظة: هذا النص جزء من سلسلة مواد عن تجارب الأشخاص الذين واللواتي يحِضن بعنوان "إجت ومعها قصة". تتألّف السلسلة من مواد تم إنتاجها في خلال ورشة إبداعية بعنوان "نروي قصصنا مع الدورة الشهرية"، نظمتها مؤسسة "جيم" ومبادرة "جييتنا" في تموز/يوليو 2023 في لبنان، بالإضافة إلى مواد مستكتبة. تم تمويل الورشة وإنتاج المواد من قبل برنامج "نحن نقود"، وهو برنامج مدته خمس سنوات ممول من وزارة الخارجية الهولندية.