عن كره الذات

إلياس نصار

"ترويحة" تزور "جدل"

ننشر على جدل هذا النص الذي يتفاعل مع كوميكس "ترويحة" - وهي مجموعة قصص مصوّرة تتناول تجارب مراهقات/ين يعيشون توجهات جنسية وجندرية مختلفة. 

انظروا الحلقة 4 من "ترويحة" خلال الرابط

ننشر هذه المادة كثمرة من ثمار التعاون بين موقع جيم ومؤسسة القوس.

 

كل يوم بتطلع بالمراي عالأقل مرتين، الأولى وقت ما أغسّل وجهي الصبح، غالبا بلقي نظرة سريعة أتأكّد إنّه بعده شكلي زي مبارح، بدقّقش كتير، أحسن ما أنتبه للشغلات اللي بحبهاش.

المرّة التانية لمّا أحضّر حالي للشغل، بتطلّع بالمراي الّي بشوف فيها كل جسمي، هاي المرّة بيكون ضروري أدقّق. لازم أتأكّد إنّي مش أنثوي زيادة، عشان ما اسمعش اليوم حكي، ولازم أتأكّد إنّي مش كتير رجولي، عشان أضل أشبه حالي شوي. ولازم أتأكّد إنّي مش مبيّن ناصح، عشان هيك بحسّ الكلّ بدّه. وبفحص كل اللوازم التانية، الّي بتضمنلي نهار بدون كتير تحديّات، وإذا مرق التدقيق ع خير، بطلع من البيت وببلّش نهاري.

بتذكّر حالي دايما هاد الشخص الّي كان دايمًا بحاجة يراقب حاله من بعيد، بطلع من جسمي، وبتطلّع ع حالي من زاوية المشاهدين. دايمًا كان ضروري إلي أرضي الناس الّي بسهولة راح يحكولي "هومو" اليوم، وأجرّب أعجبهن حتّى لو شوي. وحتّى بالأيّام الّي كنت أشدّ ضهري (حسب كيف كانوا يحكولي)، وأجرّب أمشي مع إيدين وساع، كنت أحسّقدّيش مطلوب منّي أبذل جهد عشان أكون مقبول.

ومن جوّا؟ كنت أكره حالي. أكره إنّي مثلي، وأكره إنّي ناعم، وإنّي مش كفاي زلمي، وإنّي مش كفاي بشبه الناس الّي حواليّ. ومحاولات بعد محاولات إنّي أشبههن، وأتعب وأنا شادد ضهري وفاتح إيديّ، وأصير أكره إنّي مين أنا. "يا ريت خلقت مغاير"، "مش لونّي أطول شوي؟"، "لازم أضعف"، "لو كنت أخشن كان الشب الّي شفته مبارح حبني"، "لو كنت أنعم كان الشب الّي شفته مبارح حبني". وأضل أفكّر شو ممكن أعمل عشان يحبّوني، وع قد ما حبّوني أحب حالي، وعقد ما كرهوني أكره حالي.

مع الوقت صرت أرخي إيديّ أكتر، وصرت ابذل جهد أقل، وصرت أشبه القالب المقبول للشب أقل، وصرت أسمع "هومو" أكثر، وصرت أحب حالي يوم، وأكرهها كم يوم. صرت شوي شوي أقيس حبّي لحالي حسب شو بشوف بالمراي، مشحسب شو جاري بيفضّل يشوف، وصرت ألبس أضيق يوم، وأويع كم يوم، وأحكي عن مثليتي يوم، وأخبّيها كم يوم.

واليوم؟ بعدني بتطلّع بالمراي، وبدقّق. أيّام بحب حالي، وأيّام أقل، بس بكل الأيّام بمشي وبيمشي نهاري بدون ولا أي نظرة تانية ع مراي."